هيرمس
شايل جيل

كارثة أخلاقية

 

قرأت حكمة أعجبتني بشدة، وهي: "أعظم ذنب هو الذنب الذي لا يشعر به صاحبه"، فبالفعل عدم شُعور الإنسان بالذنب أو الجُرم الذي ارتكبه هو أعظم ذنب في الوجود، فما أصعب أن يبلغ بالإنسان الاستهتار واللامبالاة، لدرجة أنه لا يشعر بأفعاله التي يرتكبها في حق الآخرين، فهو من وجهة نظري أصعب من الذنب ذاته؛ لأن نفس الإنسان إذا جُبِلَتْ على عدم الاكتراث بما ترتكبه في حق الآخرين، فلن تتوانى للحظة عن الإتيان بأي فعل، وبمُنتهى البساطة، لأن أهم شيء لديها يكون قد مات وهو الضمير، فالضمير فقط هو الذي يجعل الإنسان يُفكر قبل أن يأتي سلوكًا، وهو الذي يُحاسب صاحبه على أي فعل أتى به، سواء بقصد أو دُون قصد.

أما أن يترك الإنسان نفسه فريسة لنزعاته النفسية، التي لا تُبالي بالآخرين، أو بما يتسبب لهم فيه، فهذه هي الكارثة الأخلاقية الحقيقية.

وما يُدهشني حقًا، الأشخاص الذين يصُنفون سُلوكياتهم بين ما يستحق أن يُحاسبوا أنفسهم عنه، وما لا يستحق، ويتناسون أن الأمر لا يخضع لتقديرهم الشخصي، بل يخضع في الأساس إلى حجم الأثر الذي تركه في نُفوس الآخرين.

فشُعورك بالآلام التي تسببتَ فيها لغيرك، رُبما تُخفف بعض الشيء من جُرمك، وذنبك،؛ لأن إحساس الإنسان بأفعاله، ومُحاسبته لنفسه، هي بداية توبته عن ذنبه.

فلا تتجاهل تصرفاتك وسُلوكياتك اليومية والحياتية، فرُبما تسلك مسلكًا يكون بسيطًا من وجهة نظرك، ولكنه يترتب عليه أمور لا يُحمد عُقباها.

فحاسبْ نفسك دائمًا على كل أفعالك، مهما صغُر شأنها، وقلَّ أثرها؛ حتى لا تتحول إلى ذنوب، وتدريجيًا تتحول إلى جرائم، وبالتبعية يموت معها ضميرك، وإذا حدث ومات الضمير، فسيُهَوِّن كل فعل، وسيتجاهل كل تصرف، مهما علا شأنه، ومن هنا تبدأ الجرائم الأخلاقية، التي تنتهي بكوارث لا نهاية لها.