هيرمس
شايل جيل

بالحسنى

كل عام والخيِّرون في ازدياد

كل عام والمسلمون في كل مكان بخير فها هو شهر رمضان الكريم يلم أشياءه لرحلة تستغرق عاماً كاملا حتي يعود ثانية. انتهي رمضان وقد ربح من ربح وما بقي منه سوي شحنة روحية من المفترض أن تعين المسلم علي الالتزام إلي العام القادم هذا في أدني التوقعات. ومن المفترض أن تزداد هذه الشحنة والطاقة بالاستمرار في تصفية القلوب وتواصلها بأسباب السماء والحفاظ علي النور الذي حل به والرحمات التي غمرته والإنسانية التي سما إليها ليكون خيرا ورحمة وعطاء علي الناس اجمعين محسنهم ومسيئهم قريبهم وبعيدهم. 

كل عام والخيرون يزدادون في مواجهة صناع الشر وتجار الدمار الشامل المترفون علي حساب أشلاء الموتي وتدمير المدن والدول وتأجيج الحروب حتي يزدادوا ثراء وتزداد تجارتهم رواجا. كل عام ومآسي الأمة الإسلامية إلي انتهاء وزوال إيذانا بشروق شمسها مرة أخري لتهدي العالم إلي الخير مرة أخري وتعلمه أن الحروب لا تحقق أمنا لمنتصر ولا تحقق أمنا لمسعرها بين آخرين فمن أشعل نارا سيلحقه بشكل أو آخر لهيبها ومن صنع الإرهاب هنا أو هناك سيطوله وسينكوي بناره عاجلا أو آجلاً. أما من يتصور أنه قادر علي إثارة الفوضي في كل مكان وإسقاط الدول ونشر الخراب والدماء دون أن يطوله شيء فواهم لا يعرف سنن الله في كونه ولا يعرف قواعد الحرب التي يستطيع الأشرار أن يشعلوها لكن لا يستطيعون إطفاءها متي أرادوا. كذلك منشئو الارهاب وجماعاته يستطيعون إنشاء هذه الجماعات وتغذيتها وتقويتها لكن لا يستطيعون حماية أنفسهم منها. بل لا يستطيعون السيطرة علي السحر فلا ينقلب علي الساحر فتأكله ناره والنماذج لا حصر لها والتاريخ يحفظ الكثير منها. 

كل عام والعالم يزداد اقبالا علي هداية السماء التي تجعل منه انسانا وليس وحشا تحكمه نزواته ويعبد شهواته ويسعي لأن يصل فيها إلي أبعد مدي فلا يصل وإنما يزداد سعارا.. أما هداية السماء فتجعله انسانا يحب لأخيه ما يحبه لنفسه ويدفع السيئة بالحسنة. بل يدفع بالتي هي أحسن. ويعرف أنه يظل بخير وفي فسحة من دينه مالم يرتكب دما مسفوحا فتتسع في الكون مساحات الرضا والتواد والتراحم والإيثار. ليس الأمر خيالا كما يفهم البعض الذين يؤمنون أن الكون قائم علي الصراع والاقتتال والتدافع فالتاريخ يحفظ لنا من صفحاته أزمنة ساد فيها الخير وتراجع الشر وتوارت الجريمة أمام قلوب خيرة اتسعت رقعتها فشملت مساحات ضخمة من العالم ولست مبالغا لو قلت إن الولايات المتحدة الأمريكية بعد ان انفردت وحدها بحكم العالم أو صارت القوة الوحيدة بسقوط الاتحاد السوفيتي لو فكرت أن تكون القوة العادلة في العالم أو الشرطي العادل في العالم بدلا من القوة الامبريالية كما فكر خبراؤها وسعوا إلي ذلك لاختلف العالم تماما عما نراه الآن. لكن الذي حدث أن تصرفت بمنطق جامعي اسلاب القتلة وغنائم الفارين ومعاقبة من كانوا بعيدا عن طوعها وصناعة الحروب لرواج تجارة الأسلحة وصناعته وإثارة الفوضي لخلق عالم جديد بلا هوية ولا قوة ولا وعي تحركه كيف شاءت. فكل عام والعالم كله بخير.