هيرمس
شايل جيل

كَمْ أُساوي عندك؟

إذا سألك شخص ما هي قيمتي عندك، فأجبه بذات السؤال، وانتظر إجابته، حدد قيمته لديك من خلال قيمتك لديه، فهذا هو المنطق، فلو منحته قيمة أكبر من القيمة التي يُعطيها لك، ستفقد قيمتك بالكامل لديه بالتدريج، فالقيم الإنسانية غالبًا ما تتحدد بناءُ على المواقف المُتبادلة بين البشر، ولابد أن تكون تلك المواقف مُتوازنة ومُتكافئة.

فمن الطبيعي والمنطقي أن تحترم وتُجِلَ من يحترمك، ويهتم بك، ويكون له مكانة مُتميزة لديك، طالما أنه ميزك على الجميع، فإذا استهترت بكُل ذلك، فالمنطق يقول أنه في هذه الحالة سيفقد إحساسه بك، وسوف تقل قيمتك لديه تدريجيًا، فأي إنسان في الدنيا يستطيع أن يُحدد قيمته سواء بين أصدقائه، أو في قلب حبيبه، أو في عمله، أو في أي مكان يختاره؛ لأنه بسلوكياته وأفعاله ستتحدد قيمته تلقائيًا.

وهُناك دليل شرعي على ذلك، فعندما نزل الإسلام، كان الكُفار يتركون أشياءهم الثمينة أمانة لدى الرسول (صلى الله عليه وسلم) ، رغم أنهم كانوا غير مُؤمنين برسالته، وكانوا يُحاربونه، ولكنهم رغم ذلك كانوا يثقون في أمانته؛ لذا كان يُطلق عليه الصادق الأمين، فهو الذي حدد وضعه وقيمته، حتى لدى أعدائه؛ بسبب سُلوكياته المُنطوية على الأمانة والصدق.

فالإنسان يستطيع أن يجعل ألدّ أعدائه يحترمونه ويُجِلُّونه، فربما يختلفون معه في الأفكار والمبادئ والسُّلوكيات، ولكنهم سيضعونه موضع التقدير والاحترام، طالما أنه حافظ على مكانته، حتى في خصوماته واختلافاته.

فثق أنك أنت الذي تُحدد مكانتك وقيمتك لدى الآخرين، والأهم من ذلك أنك لابد أن تجعل قيمة من حولك مُرتبطة بقيمتك لديه، فيجب أن تعرف كم تُساوي لدى الغير، فاسأل نفسك دائمًا، يا تُرى كم أساوي لدى من أحبهم، وأحترمهم، وأحرص عليهم، فلا تكتفي بقيمتهم لديك، بل اهتم أيضًا بمعرفة قيمتك لديهم.