هيرمس
شايل جيل

كُن سطحيًا في بعض الأحيان

كم أعجبتني مقولة: "كُن سحطيًا مع من لا تليق بهم الأعماق"، فبالفعل، هناك أشخاص يتسمون بالسطحية المُفرطة، لدرجة أن من يملك العُمق الفكري، يشعر وكأنه يعيش في عالم شديد السذاجة وهو بينهم، من شدة سطحيتهم.

فالسطحية مرض قاسٍ، إذا أصاب أحد الأشخاص، يتحول لمرض مُزمن، إذا فشل صاحبه في علاجه، والخلاص منه، ولكن للأسف، السطحيون لا يشعرون بأعراض هذا المرض، ولكن الأشخاص أصحاب الفكر هُم الذين يُعانون من أصداء هذا الداء، فقد يُصابون بأمراض الضغط العصبي، أو الانفعال، أو أي مرض مُزمن آخر؛ بسبب تعاملهم مع شخصيات سطحية، لا تُحاول التعمق في الأمور والمواقف، وأكبر مُشكلة تُواجه أصحاب الفكر، أن تكون حياتهم مُرتبطة بأي من هؤلاء الأشخاص، فهم في حالة اضطرار مُستمرة للتعامل معهم بشكل يومي، إما في نطاق الأسرة، أو العمل، أو غيرها من التعاملات الروتينية، وبطبيعة الحال، يتأثرون بشدة؛ لعدم وُجود أي انسجام فكري بينهم وبين هؤلاء، ولابد من وُجود تلك المُعضلة، ولا يُوجد حل جذري، سوى أن تكون سطحيًا مع أصحاب تلك العُقول؛ حتى لا تُصاب بداء الإرهاق الفكري.

فالسطحية كما هي داء مُستعصٍ، فهي أيضًا دواء، فالسطحية لا تُعالج إلا بالسطحية، فهذا هو الحل المنطقي لها.

فما الداعِ من استعمال العقل مع من ليس لهم عقل، وما المنطق في الغوص في الأعماق مع السطحيين، فكل هذا مُرهق، ومُكلف، ولا يأتِ بثماره، بل على العكس، فهو طاقة مُهدرة بلا نتائج أو جدوى.

فالأحرى بكل إنسان أن يمنح من أمامه ما يستحقه؛ حتى لا يُهدر طاقته في الهواء، ولا خلاف على أن الحياة كثيرًا ما تُجبرنا على التحلي بصفات ليست فينا، بشكل مُؤقت؛ حتى نستطيع أن نخرج من عُنق الزجاجة، ومن هذه الصفات، صفة السطحية، فلا مانع من أن تكون سطحيًا بعض الوقت، أثناء تعاملك مع السطحيين؛ لأنهم لا يستحقون عُمْقك.