هيرمس
شايل جيل

لست أنا هذا الشخص

 

لا تقلْ بعُلو صوتك "لست أنا هذا الشخص"، إلا عندما ترى نفسك وتصرفاتك في المواقف، فالمواقف هي السيد الذي يكشف حقيقة الإنسان، فكم من شخص رأى نفسه على حقيقتها، عندما وُضِعَ في موقف كان يظن أنه أقوى منه، ولكن المواقف أثبتت أنه لن يكون دائمًا الأقوى.

وبالمناسبة، لا تُوجد مُشكلة في أن تهزمك أحد المواقف، ولكن المهم أن تُحاسب نفسك بعد الموقف، وتُحاول ألا تُكرره مرة ثانية، والأفضل أن تُصلح ما رفضه عقلك وضميرك.

فاكتشافك لنفسك لا يقف عند حُدود رد فعلك في المواقف الحياتية، ولكن يمتد إلى ما بعد الموقف، فإذا حاسبت نفسك، وقررت أن تُصلح، وتعدل عنه، ففي هذه الحالة، ستكون اكتشفت نفسك على حقيقتها، وهي أنك شخص لديه ضمير يقظ حي، يرفض أن ينصاع للخطأ.

فالعِبْرة بالنهاية، بمعنى أن الإنسان قد يضعف في أثناء الموقف، ولكنه يَعْدل عن أخطائه بمُنتهى القوة والجرأة، ومن وجهة نظري أن هذا الشخص أشد قُوة؛ لأنه كان يُمكنه أن ينصاع لما اختاره، ولا يَعْدِل عن موقفه، ويُرْجع الأمر إلى القَدر، وأن ما حدث قدر ومكتوب، ولا يُمكنه التراجع عن قراره أو سُلوكه.

ولكن الشخص القوي يقول وبمنتهى القُوة: "أنا أخطأت ولن أستمر في خطأي" ويُراجع نفسه، وهنا سيقول بعُلو صوته: "لست أنا هذا الشخص"، وبالتالي سيَعْدل عن خطأه؛ حتى يرى نفسه كما اعتاد، وأحب أن يراها دائمًا.

فكُنْ أنت دائمًا سيد الموقف، ولا تجعله سيدك، واجعل مواقف الحياة تُساعدك على اكتشاف نفسك، ولو رأيت فيها ما لا يُرضيك، فاعتبرها فرصة لتغييرها، ووضعها في نصابها الصحيح.

فالحياة مواقف، والإنسان مواقف، فلا تخشَ من المواقف، بل استفِدْ منها، واجعلها مرآة تكشف لك نفسك، وتكشف لك من حولك، ولا تجعلها تهزمك، بل اهزمها أنت بصلابتك وقُوة إرادتك.