هيرمس
شايل جيل

ثانية حب للأبد !!

قال لي صديقي : أستاذنا انتبه العنوان فيه خطأ .....!!
يبدو انك مرهق أو نائم وأنت مستغرق في الكتابة 
من الأفضل أن ترتاح .....!!
قلت : أنا في كامل الحيوية والنشاط ثم أني أحتسيت فنجانا من القهوة قبل الكتابة 
والأهم أين الخطأ المزعوم في العنوان ؟
رمقني بسخرية قائلاً : هل يعقل أن تكون هناك ثانية حب للأبد ؟
وأضاف الثانية جزء من الزمن , والأبد لا زمن له 
فكيف يستقيم وجود الزمن مع اللازمن ؟
قلت له وجهة نظر أحترمها 
ولكني أردت أن أحطم المألوف 
ضد المنطق والفيرياء وضد ما أقره العلم 
قال لي ضاحكاً : يبدو أنك أينشتاين العصر ونحن لاندري ....!!
قلت له أعط لنفسك دقائق واقرأ قصتي ربما تعرف مرادي وغايتي 
قال : اتفقنا .....هيا نعيش مع القصة من البداية للنهاية .
القصة تبدأ بطرح السؤال الأتي .

أيهما أسرع …سرعة الضوء أم سرعة الحب ؟
السؤال للجميع , للفيزيائي والفيلسوف .
لنا جميعاً أعزائي القراء .
من المعروف أن سرعة الضوء تساوي 299,792,458 متر لكل ثانية.
أي حوالي 300000 كم / ثانية
سرعة الضوء ثابتة مهما اختلف المصدر
ولكن سرعة الحب نسبية
قد تفوق سرعة الضوء
وقد لا تفوق وتتراجع
سرعة الحب تتشابه ولكن لا تتطابق إبداً
لكل قصة حب حالة خاصة
لايمكن أن تجد قصة حب تطابق الأخرى
من سابع المستحيلات
لا تستطيع قوانين الفيزياء أو الكيمياء أو الرياضيات أو الفلسفات أن ترصد تطابق حالات نشوء حالات الحب من قلب إلى قلب .
وقصتنا تلك ترصد حالة فريدة من حالات الحب الذي كُتب لها الخلود على جدار الحب في العالم .
هيا أعزائي القراء نعيش تلك الأحداث عبر أجنحة الزمن .
كان الوداع بينهما مؤلماً في صالة السفر بالمطار
قال لها : سوف أبذل قصارى جهدي في العمل لنحقق أحلامنا
وقالت له : سوف أنتظرك العمر كله حبيب القلب والروح ولن أكون إلا لك .
مزقت مكبرات الصوت في المطارتلك اللحظة الحالمة بين الوداع والصراع, عليه أن يسرع الخُطى لبوابة السفر رقم 9 لينتهي به الأمر في مقعده بالطائرة .
وحلقت الطائرة في الفضاء , وخلفت وراءها ذكريات حب من قلب يخفق بالحب بكل حب .
كانت رحلته في خياله بين ماضي عاشه ومستقبل ينتظره .
كان يحلم بالعودة قبل بداية الرحلة .
سافر بعد أن ضاقت به سبل العيش , لقد تخرج من الجامعة ليضيف رقماً جديداً في طابور البطالة والبحث عن عمل .
ومرّت الأيام , تعلم فيها فن الإقتصاد ليعود إلى حبيبته
كان على تواصل معها يؤكد على قرب العودة
كل يوم يؤكد لها قرب العودة
وكانت هي ترسم أحلام اللقاء إلى أن أصابها مرض وداء
أخفت عنه الأمر
وجاء يوم العودة إلى أرض الوطن
حدّثها من المطار , من الطائرة
وفي الطائرة كان يطوف بخيالة حول تلك السنوات العجاف التي عاشها بعيداً عن  أرض الوطن , كان يتخيل روعة اللقاء , لقاء حبيبة القلب والروح والفؤاد .
وبينما هو في تفكير عميق , هاجمت الطائرة بعض العواصف الجوية , لم يستطع قائد الطائرة السيطرة على الطائرة التي هوت في ثواني فوق الماء بالقرب من جزيرة في البحر .
لقد كتب الله لصاحبنا النجاة وسبح حتى وصل لشاطئ الجزيرة
أعياه التعب , لم ينج من الحادث إلا هو .
عاش في الجزيرة وحيداً في إنتظار وسيلة الإنقاذ
أصابه الجوع , فلم يجد إلا بعض الحشائش وأوراق الشجر أمامه , فأكل منها , وحينما اكل أصابه دوار أفقده الوعي فسافر إلى الماضي ووجد حبيبته تحتضر , حاول أن يصل إليها بأسرع من الضوء لتراه ويراها , ولتنعم برؤيته ولو لثانية او اقل منها .
لابد عليه أن يسافر لها بسرعة اكبر من 300000كم / ثانية , بمعنى أن يسافر بالغد ليعود بالأمس وتلك هي فرضية السفر عبر الزمن .
وبات ليلته وحيداً في الجزيرة , وعاد ليأكل من تلك الحشائش بكمية أكثر فعاد به الزمن بفسحة من الوقت قبل ان ترحل حبيبته .
لم يدرك ان الأكل من هذه الحشائش بكثرة سام وقاتل ولكن تلك الحشائش تمكنه فور الاكل منها أن يسافر للماضي .
اخذ كمية كبيرة من تلك الحشائش والآوراق معه في حين وصلت إليه مؤحراً طائرة الإنقاذ .
وصل لبيت حبيبته فوجدها قد فارقت الحياة منذ ثانية واحدة .
لم يجد إلا الحشائش وأوراق  الجزيرة ليأكلها ويعود به الزمن
ودخل في الغيبوبة من أثر تلك الحشائش والأوراق السامة , وسافر إلى الماضي قبل ان ترحل بثانية واحدة , وهاهو يرى حبيبته وتراه وتعانقا  وكانت قبلة اللقاء الوحيدة وقال السم كلمته في جسده في اخر ثانية من عمرهما , وسافرا سويا إلي المستقبل ليستكملا قصة حبهما في كف الخلود .
رحلا سزيا وهما يرددان قول الله تعالى :
(( إِنَّ اللَّهَ عِندَهُ عِلْمُ السَّاعَةِ وَيُنَزِّلُ الْغَيْثَ وَيَعْلَمُ مَا فِي الْأَرْحَامِ ۖ وَمَا تَدْرِي نَفْسٌ مَّاذَا تَكْسِبُ غَدًا ۖ وَمَا تَدْرِي نَفْسٌ بِأَيِّ أَرْضٍ تَمُوتُ ۚ إِنَّ اللَّهَ عَلِيمٌ خَبِيرٌ (34)) سورة لقمان .
ومازال السؤال مطروحاً
أيهما أسرع سرعة الضوء أم سرعة الحب ؟