هيرمس
    مصر
  • 29℃ القاهرة, مصر

رئيس مجلس الإدارة

طارق لطفى

رئيس التحرير

أحمد سليمان

بالبنط العريض

آفة مجلس الأمن

 

عجز مجلس الأمن الدولي الأربعاء، عن تمرير مشروع قرار يدعو إلى وقف إطلاق النار في غزة ورفع القيود عن المساعدات الإنسانية، نتيجة استخدام الولايات المتحدة حق النقض.

مشروع القرار الإنساني الذي تقدمت مجموعة الدول العشر غير دائمة العضوية في مجلس الامن(E10), ويطالب بالوقف الفوري وغير المشروط لاطلاق نار دائم في غزة من قبل جميع الأطراف وإطلاق السراح الفوري والكريم وغير المشروط لجميع الرهائن المحتجزين لدى حماس والمجموعات الفلسطينية الأخرى والرفع الفوري وغيرالمشروط لكافة القيود المفروضة على دخول المعونات الإنسانية الى غزة، وتأمين وصولها وتوزيعها الآمن دون أية عراقيل، وبكميات كبيرة بما فيها تلك التي توفرها الأمم المتحدة وشركاؤها، في جميع انحاء غزة، بالإضافة الى استعادة الخدمات الأساسية تمشيا مع القانون الإنساني الدولي والمبادئ الإنسانية والحيادية وعدم التحيز والاستقلالية ووفقا لقرارات مجلس الامن ذات الصلة.

كانت الجزائر -من بين الدول العشر غير دائمة العضوية بالمجلس- قد تفاوضت مع البعثة والمندوبة الأمريكية دوروثي شيه وعرضت تقديم تنازلات واحدة تلو الأخرى لا تغير المضمون، فعرضت مثلا التخفيف من شدة لغة القرار، كاستخدام مفردة المناشدة بدلا من المطالبة, واختصار القرار بفقرة إجرائية واحدة، للحصول على موافقة أمريكية بتمرير مشروع القرار إما بالامتناع عن التصويت أوالتصويت لصالحه، ولكنها فشلت في إقناع واشنطن، لهذا قررت مجموعة الدول العشر إبقاء مشروع القرار كما هو وبلغته القوية التي تطالب ولا تناشد وعرضته للتصويت، لكن الفيتو الأمريكي كان بالانتظار.

جاء التصويت على المشروع بتأييد 14 دولة، بينما عارضته الولايات المتحدة وحدها, وبررت واشنطن موقفها بأن مشروع القرار يعرقل الجهود الدبلوماسية للتوصل إلى حل للنزاع.. وأكدت المندوبة الأمريكية دوروثي شيا أن لغة القرار غير متوازنة ويخلق مساواة زائفة بين إسرائيل وحماس ويشجع الأخيرة على الاستمرار، معتبرة أن الحل يجب أن يعكس الواقع الميداني, واعتبر السفير الإسرائيلي داني دانون أن مشروع القرار يضر بجهود إدخال المساعدات ويتجاهل الخطر الذي تشكله حماس، زاعما أن الطرف الوحيد الذي يعرض المدنيين الفلسطينيين للخطر هو حماس.

هذا أول تصويت يجريه المجلس بشأن حرب غزة منذ نوفمبر الماضي، حين عطلت واشنطن مشروع قرار مشابه في عهد الرئيس السابق جو بايدن. أما آخر قرار صدر عن المجلس فكان في يونيو 2024، حين تبنى خطة أمريكية تدعو إلى وقف إطلاق نار تدريجي وإطلاق سراح رهائن إسرائيليين، لتتحقق الهدنة مؤقتا في يناير 2025.

استخدمت واشنطن حق النقض (الفيتو) في مجلس الأمن 42 مرة ضد قرارات تدين إسرائيل. من بين 83 مرة استخدمت فيها "الفيتو"، و استخدمت واشنطن    "الفيتو" 34 مرة ضد قرارات تساند حق الشعب الفلسطيني. هذا يعني أن الولايات المتحدة استخدمت "الفيتو" بشكل رئيسي لحماية ومنع إدانة حليفتها إسرائيل. 

يظل الفيتو من وجهة نظري هو الآفة الكبرى في مجلس الأمن حيث يمتلكه الأعضاء الخمسة الدائمون في المجلس (الصين، وفرنسا، وروسيا، والمملكة المتحدة، والولايات المتحدة) ويمنحهم القدرة على عرقلة أي قرار يصدر من المجلس، حتى لو كان هناك توافق عام بين الأعضاء الآخرين, وهذا يمنع المجلس من اتخاذ إجراءات فعالة في العديد من الأزمات، خاصة عندما تكون الدول دائمة العضوية طرفًا في النزاع, واستخدم الفيتو منذ تأسيس الأمم المتحدة عام 1945، عدد 293 مرة, فاستخدمه الاتحاد السوفيتي ووريثته روسيا 143 مرة، والولايات المتحدة 83 مرة وبريطانيا 32 مرة و فرنسا 18 مرة، بينما استخدمته الصين 16 مرة.

معضلة أخرى تواجه مجلس الأمن تتمثل في أن عدد الأعضاء الحاليين "الخمسة عشر" لا يتناسب مع التمثيل العادل للدول في المجتمع الدولي، حيث لا تعكس العضوية الحالية في المجلس التوازن العالمي في القوى السياسية والاقتصادية, هذا يؤدي إلى شعور بالظلم وعدم الشرعية لدى بعض الدول, وهنا أتذكر ما قالته المندوبة الأمريكية في مجلس الأمن "دوروثي شيا" وكأنه نكنة سياسية عندما بررت استخدام الفيتو ضد القرار الأخير لأنه "يخلق مساواة زائفة بين إسرائيل وحماس ويشجع الحركة على الاستمرار"، معتبرة أن الحل يجب أن يعكس الواقع الميداني.. وكأنها "دوروثي شيا" تبحث عن العدل في التمثيل, لكن لاغضاضة لديها من إفشال قرار دولي إنساني قد يوقف مأساة إنسانية يبكي منها ضمير العالم.